تاريخ إدارة الموارد البشرية :
تطورت الموارد البشرية على مر العصور وتاريخ الموارد البشرية يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، حيث بدأت الشركات الصناعية في الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيق نهج أكثر علمية في إدارة الموظفين بعد كثرة النزاعات بين المسؤولين والموظفين وقسوة ظروف العمل. في البداية كانت الموارد البشرية تتمثل في إدارة الموظفين وتحسين كفاءتهم وتعزيز إنتاجيتهم. ومع تطور الصناعة والاقتصاد في نهاية القرن التاسع عشر دعت الحاجة إلى إدارة الموارد البشرية في المؤسسات.
وفي القرن الماضي، بدأت فكرة إدارة الموارد البشرية في الظهور بشكل واضح في الشركات والمؤسسات، حين أسس الدكتور دوجلاس ماكجريغور مركزاً لتعليم إدارة الموارد البشرية عام 1960، وهو أول برنامج دراسي في هذا المجال.
ومنذ ذلك الحين، شهدت الموارد البشرية تطورًا هائلاً، حيث أصبحت تعنى بجميع جوانب العملية الإدارية المتعلقة بالموظفين في المنظمات والشركات، بما في ذلك التوظيف والتدريب والتطوير، والمكافآت، والإدارة الاستراتيجية. وتعتبر الموارد البشرية اليوم أحد أهم عناصر نجاح المؤسسات في سوق العمل المتنافس.
ما هو المقصود بالموارد البشرية؟
الموارد البشرية هي عبارة عن جميع الموظفين والعاملين في المؤسسة أو الشركة، ويشمل قسم الموارد البشرية جميع الجوانب المتعلقة بإدارة العاملين بما في ذلك التوظيف والتدريب والتدقيق وتقييم الأداء وتطوير المهارات وصيانة العلاقات العاملة وإدارة الأجور والمزايا الاجتماعية وإدارة العمليات الإدارية الأخرى المتعلقة بالموظفين.
ويهدف تخصص الموارد البشرية إلى تحسين أداء الموظفين وتعزيز الإنتاجية والجودة في العمل، وتحقيق أهداف المؤسسة من خلال الاستفادة الأمثل من قدرات الموظفين وتطويرها. ويشمل ذلك أيضاً توفير بيئة عمل محفزة وصحية وآمنة للعاملين، وبالتالي زيادة حجم الميزة التنافسية للمؤسسة بمرور الوقت.
وبشكل عام، يعد إدارة الموارد البشرية جزءاً أساسياً من إدارة المؤسسة مهما كان حجمها، وتعتبر مهمة مسؤولي القيادة والإدارة في الشركات والمؤسسات لتحقيق النجاح والاستمرارية في العمل.
من هو مؤسس الموارد البشرية؟
لا يمكن تحديد مؤسس واحد لتخصص الموارد البشرية، حيث إنه قد تطور عبر الزمن وشارك في هذا التطور عدة أشخاص ومدارس وأنظمة فكرية. ومن بين الأسماء البارزة التي ساهمت في تطور مجال الموارد البشرية:
فريدريك تايلور: عرف بوضع نظرية إدارة العمل العلمية (Scientific Management) التي تنص على تحسين كفاءة العمال وتحليل وتحسين عمليات الإنتاج.
إلتون مايو: قام بدراسة العلاقات الإنسانية في العمل والتركيز على دور العواطف والتفاعلات الاجتماعية بين الموظفين وتأثيرها على الإنتاجية والرضا الوظيفي.
أبراهام ماسلو: قام بوضع نظرية الحاجات البشرية (Hierarchy of Needs) والتي تنص على أن الأفراد يحتاجون إلى تلبية حاجاتهم الأساسية قبل تحقيق الإنجازات والنجاح في العمل.
دوجلاس ماكجريغور: كان أول شخص يطلق مصطلح "إدارة الموارد البشرية"، وقام بتأسيس المركز الأمريكي للتعليم في إدارة الموارد البشرية والذي كان يعد أول برنامج دراسي في هذا المجال.
ومن ثم، تطورت الموارد البشرية وأصبحت مجالاً متخصصاً يعتمد على مجموعة من النظريات والممارسات التي تتنوع من منظر لآخر.
التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية:
تطورت الموارد البشرية على مر الزمان منذ بداية الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا على عدة مراحل، وتميز هذا التطور بظهور العديد من النظريات والتقنيات التي تهدف إلى تحسين إدارة الموارد البشرية في المؤسسات والشركات. وفيما يلي مراحل تطور الموارد البشرية:
المرحلة الأولى: ظهور الثورة الصناعية:
بداية عصر الثورة الصناعية كانت في أواخر القرن الثامن عشر، وتميزت هذه الفترة ببداية تطور الصناعة والتكنولوجيا وتغيير كبير في طريقة العيش والعمل، بعد أن كانت الصناعات محصورة لطبقات معينة، وقد أدى ظهور الثورة الصناعية إلى تطور نظام الموارد البشرية في هذا العصر حيث:
ظهور فئة جديدة من العمال منخفضي الدخل، حيث كانوا يعملون في المصانع والمناجم والمحاجر، وكانوا يتلقون أجورًا منخفضة مقابل ساعات طويلة من العمل.
فئة مديري المصانع والمنشآت الصناعية، وكانوا يتحكمون في جميع جوانب الإنتاج، بدءًا من توظيف العمال وحتى إدارة العمليات الإنتاجية.
كان للفنيين دور هام، حيث كانوا يعملون في تركيب المعدات، وصيانتها وإصلاحها.
فئة العلماء والمخترعين حيث قادوا التطور التكنولوجي، وقاموا بتطوير آلات مبتكرة وسريعة، وأيضاً قاموا بدراسة العمليات الإنتاجية وتحسينها.
أصبح هناك توسع في استخدام الآلات وظهر مبدأ تخصيص وتقسيم العمل، وأصبح هناك أماكن مخصصة تجمع العمال كالمصانع. ولكن ذلك جعل العمال سلعة تباع وتشترى بعد الاعتماد على الآلات، وظهرت العديد من المشاكل خاصة المتعلقة بالجانب الإنساني.
المرحلة الثانية: ظهور حركة الإدارة العلمية:
عند ظهور حركة الإدارة العلمية عام 1890م بقيادة فرديك تايلور والذي لقب بأبي الإدارة وفرانك جيلبرث وهنري فايول، كانت الموارد البشرية تتمحور حول العمال والموظفين في المؤسسات الصناعية، حيث كانت الحركة العلمية تهتم بتحسين كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم.
وقد تطلب ذلك إعادة تصميم عمليات العمل وتقسيمها إلى مهام صغيرة ومتخصصة حسب مهارة كل عامل، وتحليل العمل بشكل دقيق لتحديد الوقت اللازم لإنجاز كل مهمة، وتدريب العمال والموظفين على أساليب الإنتاج العلمية وتطبيقها بشكل صحيح.
وتمكنت الحركة العلمية أيضاً من تطوير أساليب لقياس وتقييم أداء العمال والموظفين، وتحليل نتائج هذه القياسات لتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية. كما تم تطوير أساليب لتحديد المتطلبات الوظيفية واختيار الموظفين المناسبين للوظائف المختلفة، وذلك من خلال استخدام الاختبارات والمقابلات وغيرها من الأساليب.
وبشكل عام، كانت الموارد البشرية تتحول من مجرد قوة عاملة إلى مورد إنتاجي مهم يمكن تحسينه وتطويره باستخدام المبادئ العلمية المناسبة. وهذا ساعد في تطوير المؤسسات الصناعية وزيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة.
المرحلة الثالثة من مراحل تطور الموارد البشرية: نمو المنظمات العمالية:
في بداية القرن العشرين نمت المنظمات العمالية في الدول الصناعية وذلك نتيجة ظهور حركة الإدارة العلمية التي كان يُعتقد أنها استغلت العمال لمصلحة رؤساء العمل. عملت هذه المنظمات على زيادة الأجور وخفض ساعات العمل، وتحسين ظروف العمل، والحفاظ على حقوق العمال والموظفين، وتمثيلهم أمام أصحاب العمل والحكومات. وقد أصبح الإضراب عن العمل والمقاطعة قاعدة عامة للعمال لاسترداد حقوقهم.
كانت المنظمات العمالية تعمل على تطوير مهارات العمال وتدريبهم، وذلك لتحسين مستواهم المهني وزيادة فرص توظيفهم وتحسين رواتبهم. كما أنها كانت تقدم النصح والاستشارات للعمال بشأن القضايا المتعلقة بالعمل، مثل الصحة والسلامة والضمان الاجتماعي.
بالإضافة إلى أنها كانت تسعى إلى تحسين العلاقات والتواصل بين العمال وأصحاب العمل، وذلك من خلال التوسط في النزاعات العمالية وإيجاد حلول معقولة ومرضية للجانبين. كل ذلك ساعد في تحسين الظروف العملية ورفع مستوى العمالة في المؤسسات الصناعية والخدمية.
المرحلة الرابعة: بداية الحرب العالمية الأولى:
أدت الحرب العالمية الأولى إلى التغيير السريع في تطوير إدارة شؤون الموظفين، وتم استخدام طرق جيدة لاختبارهم قبل تعيينهم للتأكد من إمكانياتهم مثل اختبارات ألفا وبيتا.
كانت الحرب تتطلب تجنيد عدد كبير من الجنود والمتطوعين للمشاركة في الحرب، وهذا جعل التوظيف والتدريب والإدارة من أهم المهام التي تعنى بها الموارد البشرية، حيث كانت تعمل على تجنيد الجنود وتدريبهم، وتوفير الدعم اللوجستي اللازم. وكانت تعمل على تحسين ظروف العمل للجنود وتوفير الإمدادات اللازمة لهم، مثل الأغذية والملابس والمعدات.
وفي هذه الفترة، شهدت الموارد البشرية تزايد الاهتمام بالرعاية الاجتماعية للعمال. وتم إنشاء مراكز للخدمات الاجتماعية والترفيهية والتعليمية والإسكان لتلبية احتياجاتهم. وبدأت أقسام شؤون الموارد البشرية بالظهور في الشركات، حيث تم التركيز على تطوير سياسات التوظيف والتدريب والتقييم والمكافآت والعلاقات العامة.
وفي عام 1920، أصبح مجال إدارة الموارد البشرية متواجداً بشكل ملائم، حيث تم إنشاء العديد من إدارات الموارد البشرية، وتم التركيز على تحسين إدارة الموظفين والاستفادة القصوى من قدراتهم لتحقيق أهداف المنظمة.
المرحلة الخامسة: التطور التاريخي بين الحرب العالمية الأولى والثانية:
خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، حدث العديد من التغييرات في مجال الموارد البشرية:
توسع الصناعة: شهدت الصناعة توسعًا كبيرًا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، وتزايدت الحاجة إلى العمالة الماهرة وغير الماهرة في هذا القطاع.
تغييرات في سوق العمل: تغيرت طرق التوظيف والتعاقد، وانتقلت الشركات من العمل بنظام العمالة الدائمة إلى نظام العمالة المؤقتة وعقود العمل المؤقتة.
تحسين شروط العمل: بعد الحرب العالمية الأولى، زادت الضغوط على الحكومات لتعزيز حقوق العمال، مثل تحديد ساعات العمل والأجور الدنيا.
تأثير الحرب العالمية الثانية: شهدت هذه الفترة نقصًا في القوى العاملة بسبب التجنيد في الحرب العالمية الثانية.
النساء في سوق العمل: نقصت العمالة الذكورية بسبب الحرب، فزاد عدد النساء العاملات في القطاعات التي كانت تقتصر على الرجال.
التوجه نحو التدريب والتعليم: وذلك لتحسين مستوى العمالة وتأهيلها للعمل في الصناعة المتزايدة والقطاعات الأخرى.
ظهرت فكرة الحماية الاجتماعية وحدث تطور في مجال العلاقات الإنسانية على يد إلتون مايو حيث أقر بمدى أهمية رضا العامل.
المرحلة السادسة: ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى وقتنا الحاضر:
آخر مراحل تطور الموارد البشرية حيث شهدت الموارد البشرية تحولات جذرية، وتطورات هائلة، ومن بين هذه التطورات:
بدأ العمل على تطوير مفهوم الموارد البشرية، والتفكير فيها كعامل أساسي في نجاح المؤسسات والشركات، وتحويلها من مجرد تكلفة إلى استثمار يمكن أن يؤدي إلى تحقيق مزايا تنافسية.
تنوع وتعدد العمالة حيث بدأ استخدام النساء والأقليات العرقية والأجانب في العمل بشكل أوسع وأكثر انتشارًا.
العمل على تحديث نظم وأساليب تنظيم العمل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وتطوير عمليات الإنتاج والخدمات.
شهدت المجالات الإدارية تطورًا كبيرًا، حيث تم تطوير العديد من مجالات إدارة الموارد البشرية، والتي تهدف إلى تطوير قدرات العمالة وتحسين إدارتها.
العمل على تطوير مهارات العمالة وتدريبها وتطوير قدراتها، وذلك لتحقيق مزايا تنافسية وتحسين جودة المنتجات والخدمات.
يتطور تخصص الموارد البشرية بشكل كبير ومع إدخال التقنيات الجديدة والتحديثات في طرق العمل، جعل تخصص إدارة الموارد البشرية يلقى زيادة في الطلب بشكل كبير جدًا، وأصبحت المنافسة فيه شديدة.
ولتزيد من فرص عملك من المهم الحصول على دورات تدريبية في الموارد البشرية وشهادات معترف بها دولياً والتي تمكنك من تطوير وتعزيز مهاراتك في مجال إدارة الموارد البشرية مثل شهادة aPHRI محترف موارد بشرية مشارك، ومثل محترف في الموارد البشرية (PHRi)، أو محترف أول في الموارد البشرية (SPHR).
0تعليقات