ادى التطور العلمي والنمو في مجالات النشاط الاقتصادي الى كبر حجم المشروعات وتشعب اعمالها ووظائفها وصعوبة ادائها وتعدد مشاكلها ، وقد ادى ذلك الى تطور في مفهوم واهداف واساليب المراجعة الداخلية للتأكد من فاعلية الرقابة الداخلية التي تمثل المراجعة الداخلية عنصراً هاماً فيها ، وكلما كبر حجم المشروع كلما زادت الحاجة الى توفير نظام مراجعة داخلية فعالبحيث تمارس المراجعة على اوجه نشاطات المشروع سواء كان نشاط اداري او مالي ، اذان وجودها اصبح امراً ضروريا وحتمياً لكل عملية من عمليات المشروع كالعمليات النقدية والتي تحتاج للمراجعة بغرض اكتشاف اي اختلاس او تلاعب بها .
اولاً : مفهوم المراجعة الداخلية :
تعتبر المراجعة الداخلية عنصراً هاماً من عناصر الرقابة الداخلية وهي عبارة عن نشاط مستقل يقوم به متخصص داخل المنشأه ، وهي ايضاً وسيلة فعالة تهدف الى مساعدة الادارة في التحقق من تنفيذ السياسات الادارية التي تكفل الحماية للاصول وضمان دقة البيانات التي تتضمنها الدفاتر والسجلات المحاسبية ، والهادفة للحصول على اكبر كفاية انتاجية .
وتعتبر المراجعة الداخلية من اهم الوسائل والطرق التي تستخدمها الادارة بغرض التحقق من فاعلية الرقابة الداخلية .
وتعرف المراجعة الداخلية على انها (هي التي يقوم بها موظف بالمنشأه بخلاف تلك التي يقوم بها المراجع الخارجي ) .
ونستنتج من ذلك ان المراجع الداخلي متواجد دائماً في المشروع من ثم يستطيع التعرف على كل نواحي نشاطاته واجراءاته بخلاف المراجع الخارجي الذي غالباً ما يتواجد في نهاية الفترة المالية او على فترات متقطعة في المشروع .
ويمكن تعريف المراجعة الداخلية بانها (نشاط تقييمي مستقل تقوم به ادارة او قسم داخل المنشأه مهمته بفحص الاعمال المختلفة في المجالات المحاسبية والمالية والتشغيلية وتقييم اداء الادارات والاقسام في هذه المنشأه وذلك كأساس لخدمة الادارة العليا ، كما انها رقابة ادارية تؤدي عن طريق قياس وتقييم فاعلية الوسائل الرقابيه الاخرى .
ويتضح من التعريف ان المراجعة الداخلية هي وظيفة تختص بفحص وتقييم الانشطة التنظيمية بصورة مستمره للوقوف على مدى كفاءة الاداء وتقديم تقرير للادارة العليا .
وقد عرف مجمع المحاسبين القانونيين بانجلترا وويلز المراجعة الداخلية على انها مراجعة للاعمال والسجلات التي تتم داخل المشروع بصفة مستمرة وبواسطة موظفين يخصصون لهذا الغرض وقد تشتمل المراجعة الداخلية خاصة في بعض المشروعات الكبيرة على امور لا تتعلق مباشرة بالنواحي المحاسبية .
وقد وسعت المراجعة الداخلية في دورها من القيام بالمراجعة المالية لتشمل ايضاً العمليات السائدة في المنشأه ، ثم اخذت تناقش المشاكل التي تواجهها عند القيام بهذه المراجعة مما ساعد على ظهور المبادى الاساسية ومستويات الاداء الفني وقد ادى ذلك بالمراجعين الى تكوين اول منظمة مهنية لهم ، وهى مجمع المراجعين الداخليين بالولايات المتحده الامريكية 1941م.
ولا يسعنا ان نشير ان معايير المراجعة الدولية رقم (610) قد اشارت للمراجعة الداخلية على انها تعني فعالية تقييمه ضمن المنشأهبغرض خدمتها ومن ضمن وظائفها اختبار ملائمة النظام المحاسبي ونظام الرقابة الداخلية وفعاليتها وتقييمها ومراقبتها .
وما سبق يتضح الاتي :
اصبحت المراجعة الداخلية اداه لخدمة المنشأه كلها وليس فقط ادائها .
تهتم المراجعة الداخلية بقياس وتقييم العمليات المحاسبية والمالية وقياس فعالية نظام الرقابة الداخلية .
وايضاً تم تعريف المراجعة الداخلية على انها (مجموعة من اوجه النشاط مستقله داخل المشروع تنشئها الادارة للقيام بخدمتها في تحقيق العمليات والقيود بشكل مستمر لضمان دقة البيانات المحاسبية والاحصائية وفي التاكد من كفاية الاحتياطات المتخذهلحماية اصول واموال المنشأه وفي التحقق من اتباع موظفي المنشأه للسياسات والخطط والاجراءات الادارية المرسومة لهم ، واخيراً في قياس صلاحية تلك الخطط والسياسات وجميع وسائل المراقبة الاخرى في اداء اغراضها واقتراح التحسينات اللازم ادخالها عليها وذلك حتى يصل المشروع الى درجة الكفاية الانتاجية القصوى .
ونستنتج من التعريف الاتي :
تحديد مدى ملائمة الاجراءات والعمليات المحاسبية والقيود عن الاصول ومدى الحماية والامان لتلك الاصول وتحديد درجة الاعتماد على البيانات المحاسبية في حماية اصول واموال المنشاه وذلك باستقلالها داخل المشروع .
تحديد مدى التزام العاملين بالسياسات والخطط الادارية الموضوعه ، وليس مهمة ادارة المراجعة الداخلية وضع هذه الخطط .
تقييم وفحص السياسات والخطط الادارية ومناقشة النتائج والتوصيات مع المستوى الاداري المناسب حتى يصل المشروع الى الاستخدام الامثل للمواد .
وعرفت المراجعة الداخلية بأنها الفحص المنظم لعمليات المنشأه ودفاترها وسجلاتها ومستنداتها بواسطة هيئة داخلية او مراجعين تابعين للمنشأه ، كما يعرفها البعض الاخر بانها وظيفة داخلية تابعة لادارةالمنشأه لتعبر عن نشاط داخلي مستقل لإقامة الرقابة الادارية بما فيها المحاسبية لتقييم مدى تمشي النظام مع ما تتطلبه الادارة او العمل على حسن استخدام الموارد بما يحقق الكفاية الانتاجية القصوى .
ومن اكثر التعاريف قبولاً هو آخر تعريف قدمه مجمع المراجعين الداخليين بالولايات المتحده الامريكية (وهي نشاط تقييمي مستقل خلال تنظيم معين يهدف الى مراجعة العمليات المحاسبية والمالية وغيرها وذلك كأساس لخدمة الادارة .
ومن هذا التعريف نستنتج الاتي :
ان المراجعة الداخلية مستقلة داخل التنظيم بحيث لا تتبع لاي ادارة او قسم داخل المنشأه ، كما نجدان القصد من الاستقلال مراجعة العمليات المحاسبية والمالية باعتبارها اساساً لتقديم خدمات وقاية ادارية للادارة .
ومن خلال كل هذه التعريفات للمراجعة الداخلية نتوصل الى ان المراجعة الداخلية عملية منظمة تتضمن مجموعة من الاجراءات المتتابعة والتي يحكمها اطار نظري ثابت وذلك لتحقيق مجموعة من الاهداف .
نشأة وتطور المراجعة الداخليه:
تستمد مهنة المراجعة الداخلية نشأتها من حاجة الانسان الى التحقق من صحة البيانات المحاسبية التي يعتمد عليها في اتخاذ قراراته ، والتاكد من مطابقة تلك البيانات للواقع .
ظهرت هذه الحاجة اولاً لدى الحكومات ، حيث تدل الوثائق التاريخية على ان حكومات قدماء المصريين واليونان كانت تستخدم المراجعيينللتاكد من صحة الحسابات العامة ، وكان المراجع يستند على القيود المثبتهبالدفاتر والسجلات والوقوف على مدى صحتها .
وبالرغم من اهمية المراجعةالداخلية باعتبارها احد الدعائم الاساسية لنظام الرقابة الداخلية ، الا انها كوسيلة مستقلة لم يتم الاعتراف بها والاقرار باهميتها الا حديثاً حيث كانت المنظمات تستخدمها كتقليد يتبع لمواجهة ظروفها وحاجتها الخاصة دون تحديد واضح لمفهومها واهدافها وسلطاتها ومسؤلياتها ومعايير ادائها وكان الهدف الرئيسي للمراجعة الداخلية في بداية تكوينها وقائي ، وكان عمل المراجع الداخلي مقتصر كلياً على الاعمال الروتينية التي تتضمن اكتشاف الاخطاء ان وجدت وكذلك حماية الاصول .
ويلاحظ الباحثون ان المراجعة الداخلية عند ظهورها كانت تعتبر اداة رقابة ضد الاخطاء وهدفها يقتصر على اكتشاف الاخطاء وحماية الاصول .
وتعتبر المراجعة الداخلية حديثة مقارنة بالمراجعة الخارجية وقد ظهرت منذ حوالي ثلاثين عاماً وقد لاقت قبولاً كبيراً في الدول المتقدمة واقتصرت المراجعة الداخلية في بادئ الامر على المراجعة المحاسبيهللتاكد من صحة تسجيل العمليات المالية واكتشاف الاخطاء ان وجدت ، ولكن مع تطور المنشأت اصبح من الضروري تطوير المراجعة الداخلية وتوسيع نطاقها بحيث تستخدم كاداة لفحص وتقييم مدى فعالية الاساليب الرقابية ومد الادارة العليا بالمعلومات . وانعكس التطور السابق على شكل برنامج المراجعة ، فقد كان البرنامج في السنوات الاولى بظهور المراجعة يتركز على مراجعة العمليات المالية ولكن بعد ذلك توسع برنامج المراجعة ليتضمن تقيم نواحي النشاط الاخرى .
ومن العوامل التي ساعدت على تطوير المراجعة الداخلية :
الحاجة الى وسائل لاكتشاف الاخطاء والغش .
ظهور المنشأت ذات الفروع المنتشرة جغرافياً .
التقدم العلمي الكبير في مجال استخدام الحاسب الآلي .
الحاجة الى كشوف دورية دقيقة حسابياً وموضوعياً .
ظهور البنوك وشركات التامين ادى الى ظهور الحاجة للمراجعة الداخلية لكي تقوم بمراجعة العمليات اول باول .
ولقد زادت الحاجة للمراجعة الداخلية نتيجة اتساع حجم المنشآت وتطور شركات الاموال وما تضمنه ذلك من فصل بين ملكية المشروع وادارته ، مما دعى المساهمين الى تعيين مراجعين حسابات كوكلاء باجر للقيام بمراجعة الاعمال داخل المنشآت .
ويرى الباحثون ان مهنة المراجعة الداخلية منذ نشأتها في حالة من التطور ومواكبة التغيرات التي تحدث في مجال المحاسبة ، وذلك سواء كان باصدار المعايير المنظمة او زيادة الكفاءة المهنية للمراجع الداخلي ، او التوسع في اهدافها .
مزايا المراجعة الداخليه :
1/ ان المراجع الداخلي بسبب وجوده كل الوقت في المشروع ومعاصرته لمشاكل يستطيع ان يلمس كل نواحيه ونشاطاته واجراءاته والمشاكل المترتبة عليه .
2/ ان المراجعة الداخلية تتم بصورة منظمة وعلى مدار السنة بدلاً من مرة واحدة سنوياً في حالة وجود مراجع خارجي .
3/ ان المراجع الخارجي يتحقق اساساً من سلامة المركز المالي وصحة النتائج ، فهو لن يستطيع ان يعطي الوقت الكافي لاكتشاف الاخطاء والتلاعب وانما يلجأ الى الاختبارات في مراجعته ، ولهذا فان ادارة المراجعة الداخلية تقوم بمراجعة كاملة لكافة العمليات عن طريق الفحص المستقل داخل المشروع وعلى هذا فهي تعتبر رقابة لخدمة الادارة حيث تعمل على قياس وتقييم فاعلية الرقابة الداخلية .
اهمية المراجعة الداخليه:
في الاونة الاخيرة ازدادت اهمية المراجعة الداخلية وذلك لعدة عوامل هي :
1- كبر حجم المشروعات وتعقد عملياتها :
ادى ظهور شركات المساهمة الى كبر حجم المشروعات وانفصال الادارة عن الملكية مما ادى الى عدم قدرة ادارة المشروعات من الالمام بكافة الاشياء في هذه المشروعات وبالتالي استوجب الامر استخدام نظم رقابة داخلية .ولكى تطمئن الادارة على سلامة نظم الرقابة الداخلية كان لابد من وجود المراجعة الداخلية التي تعمل على تقييم كفاءة وفعالية نظم الرقابة الداخلية داخل المؤسسة 1.
2- التناثر الجغرافي للعمليات وتزايد نطاق العمليات الدولية :
مع كبر حجم المشروعات تم انشاء فروع كثيرة في مناطق متباعدة ادى ذلك الى ارسال المراجع الداخلي لمراجعة اعمال هذه الفروع ، وقد اطلق على هذا المراجع (المراجع المتجول) لمتابعة مدى التزام العاملين بالسياسات الادارية واقتراح التعديلات ونجاح المراجع المتجول في اداء هذه المهام كان له اثر كبير في نشأة المفهوم الحديث للمراجعة الداخلية وفي اتساع نطاقها وتزايد اهميتها 2 .
3- التوسع في احتياجات الادارة :
نجد ان الادارة هي العميل الرئيسي لقسم المراجعة الداخلية وهي التي تحدد الخدمات التي تحتاجها من قسم المراجعة الداخلية وعلى ادارة المراجعة الداخلية توفير تلك الاحتياجات 3 .
ويرى احد الكتاب ان وظيفة المراجعة الداخلية التقليدية اصبحت جزءاً من مسئوليات المراجع الداخلي ولذلك يجب على المراجعين الداخليين التوسع في الخدمات التي تقوم الادارة4.
4- اعمال مفهوم السيطرة على الشركة :
السيطرة تعني قيام مجلس الادارة بالالمام بمجريات الامور بالشركة والقدرة على ادارتها وتوجيهها نحو تحقيق الاهداف المخطط لها ، وتجاوز المخاطر التي يمكن التعرض لها نتيجة بيئة الاعمال المتغيرة والتقدم التكنلوجي والمنافسة .
ويرى الباحثون ان المراجعة الداخلية تمد الادارة العليا بالتحليل والتقييم والاستشارات والتوصيات عن الانشطة التي تم فحصها ، ويمكنها اكتشاف وضع الغش بتحديد الوفورات والغرض واضافة قيمة وزيادة العائد للمنشأه . فالمراجعة الداخلية الآن تتضمن نطاق واسع للرقابة وادارة المخاطر .
اهداف المراجعة الداخليه:
نشات المراجعة الداخلية بناء على احتياجات الادارة في الشركات الكبرى ذات النشاط الواسع ، حيث تعتمد الادارة في وقايتها وتوجيهها للعمليات اعتماداً كلياً على ما يقدم لها من بيانات محاسبية واحصائية ، لذلك اضطرت الادارة الى ايجاد الوسيلة التي عن طريقها يمكن الاطمئنان الى الامور الاتية :
ان نظم الضبط والنظم المحاسبية سليمة .
ان السياسات والاجراءات التنفيذية التي رسمتها الادارة كافية لانجاز الاعمال .
ان الموظفين لا ينحرفون عن السياسات والاجراءات التنفيذية المرسومة .
ان هناك حماية او رقابة كافية لاصولالمنشأه .
ان البيانات المحاسبية والاحصائية التي تقدم للادارة تلخيصاً لاعمالالمنشأه يمكن الاعتماد عليها بالاضافة الى التاكد من ان المصروفات لا تنفق الا في الاغراض الضرورية المتصلهباعمالالمنشاه وان جميع الايرادات المستحقة للمنشأه قد ادرجت في الحسابات .
وسائل المراجعة الداخليه :
وحتى تستطيع المراجعة الداخلية تحقيق الاهداف المناط بها فهنالك عدة وسائل تتمثل في :
1- التحقق : هو وسيلة من وسائل المراجعة تهتم بمراكز العمليات عند نقطة زمنية محددة وليس خلال فترة زمنية محددة اي التحقق من الارصده والاجماليات التي تحتوي على القوائم المالية والتي تتجه لفحص الملكية والوجود الفعلي ويقسم الاصول والالتزامات ويشمل التحقق ما يلي (السجلات – الاصول المملوكة من قبل المنشأه– التقارير ) .
2- التقييم :هو فحص السجلات المحاسبية والتقرير عنها،ويقوم المراجع الداخلي بالحكم على مدى قوة النظام المحاسبي وتحديد نقاط القوه والضعف فيه كما يستطيع ان يتعرف ويقيم الوضع الحقيقي للنظام المحاسبي ويقترح التعديلات المناسبه .
3- الحماية : حماية اصول المنشأهوالتاكد من سلامة نظم الرقابة الداخلية الذي يهدف بدوره الى حماية المنشاه من الافلاس والسرقة وذلك بالتاكد من الاتي :
حماية الاصول .
سلامة المعلومات المحاسبية وامكانية الاعتماد عليها .
التاكد من الاستخدام الامثل للموارد .
الملائمة في اساليب القياس والسياسات والخطط والافراد مع القوانين واللوائح .
التاكد من ايجاد الاهداف الموضوعية للعمليات الفيصلية .
تقييم صحة وكفاية تطبيق الرقابة المحاسبية على الاصل المتعطل .
4- التطبيق : تطبيق معايير المراجعة الداخلية عند القيام بها بغرض تحقيق اهدافها المخطط لها . ويرى الباحثون انه لابد من قيام المراجعة الداخلية بالفحص والتحقق والتقييم للعمليات المالية والتشغيلية وحماية الاصول وتطبيق المعايير لمنع التلاعب بالمستندات او على الاقل الحد منها مما يؤدي الى رفع الكفاءة الانتاجية .
0تعليقات