مدونة تسيير الموارد البشرية

مدونة تسيير الموارد البشرية

ماذا نقصد بالثقافة التنظيمية؟


"الثقافة" الأكثر طرقاً لآذاننا!

يعتبر مفهوم الثقافة من أعقد المفاهيم وأكثرها طرقاً لأذن الإنسان المعاصر، وبات ذلك المفهوم يتردد على ألسنة الجميع، بغض النظر عن مدى إدراكهم لدلالته اللغوية والفكرية أو اتفاقهم على مضامينه ومكوناته. وما يهمنا هنا هو أن نشير إلى أن الأمر الذي اتفق عليه في شأن الثقافة أن لكل إنسان ثقافة مميزة، كما أن لكل مجتمع ثقافة جمعية تميزه عن غيره من المجتمعات، كما أن ثمة اتفاقاً على أن الثقافة تلعب دوراً فاعلاً في حياة المجتمعات، أفراداً ومؤسسات، إذ تشكل الثقافة – بمفهومها العام - البنية الأساسية لطرائق التفكير وآليات التفاعل الاجتماعي في مفهومهما الأوسع، الأمر الذي يؤثر على فلسفة المجتمعات والأفراد والمؤسسات ومستويات دافعيتها وإنتاجيتها و إبداعها. ومثل هذا الأثر الذي تخلّفه الثقافة يمكن أن يكون إيجابياً أو سلبياً أو خليطاً، وذلك يرجع إلى طبيعة الثقافة ومكوناتها وقوتها وعمقها وجاذبيتها.

هل للمنظمات ثقافة مميزة؟

نعم لكل منظما ثقافة تنظيمية خاصة... تماماً كما قلنا بأنها لها سلوكاً تنظيمياً مميزاً لها عن غيرها… ويرى الباحثون تشابهاً بين الثقافة التنظيمية والثقافة في مفهومها العام، ولذلك نجد أنهم يؤكدون على البعد العقدي (الأيديولوجي) والقيمي والقواعد والمعايير الفكرية والأخلاقية في ثقافة المنظمة. ولتأكيد أهمية الثقافة التنظيمية يرى هوفستد    Hofstede أنها من أهم الأصول المنتجة للمنظمة (أو الأصل السيكولوجي كما في عبارته).

ما هي الثقافة التنظيمية؟

في الفكر الغربي – مثلاً - يرى هوفستد أن الثقافة التنظيمية هي "البرمجة الذهنية الجمعية التي تميز أفراد منظمة معينة عن أفراد منظمة أخرى".

وفي الفكر العربي، يعوّل بعض الباحثين العرب في تعريفهم للثقافة التنظيمية على قيم الطبقة المؤثرة في الإدارة العليا، منهم الباحث السعودي عبدالرحمن هيجان حيث يقول بأن: " الثقافة التنظيمية هي تعبير عن قيم الأفراد ذوي النفوذ في منظمة ما، هذه القيم تؤثر بدورها في الجوانب الملموسة من المنظمة وفي سلوك الأفراد، كما تحدد الأسلوب الذي ينتهجه هولاء الأفراد في قراراتهم وإدارتهم لمرؤوسيهم ومنظماتهم". وهذا التعريف له وجاهته في المجتمع العربي لتأثير القادة المباشر والكبير في تشكيل ثقافة منظماتهم، إلا أنه لا يمكن القول بأن الثقافة التنظيمية تتشكل من خلال تأثير القادة فقط، ولذلك يكون من المتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المشكلة للثقافة التنظيمية.

وبعبارة مختصرة يمكننا القول بأن الثقافة التنظيمية تعكس أعمق المستويات لنظام المعتقدات والقيم والافتراضات والقواعد والعادات التي تشكّل سلوك الأفراد داخل المنظمة بشقيه الإيجابي والسلبي على حد سواء.

الثقافة التنظيمية بين الوضعية والمعيارية؟

وهنا نؤكد على أن الثقافة التنظيمية في إطار الفكر العربي الإسلامي تتميز – أو هكذا يجب أن تكون - بأنها تركز على بعدين اثنين هما:

1- البعد الوصفي (أو الوضعي) Positive الذي يعكس ما هو قائم فعلاً بغض النظر عن صوابية المنطلقات أو الممارسات في الثقافة التنظيمية في ضوء الإطار الحضاري والثقافي. أي أنك تدرس الواقع لتسايره وتتعايش معه، لا لتقيمه وتقومه!

2- البعد المعياري (أو المثالي)  Normative وهو البعد الذي يهتم بما يجب أن تكون عليه الثقافة التنظيمية في ضوء وهداية الإطار الحضاري والثقافي.

ويجب أن نشير هنا إلى أن الفكر الإداري الغربي يعتمد وبشكل مكثف للغاية على البعد الوصفي أو الوضعي إذ هو محور دراسات الباحثين الغربيين، ويتابعهم في ذلك الاتجاه – مع الأسف الشديد – عدد كبير من الباحثين والممارسين العرب؟؟                                                 
***
حكمة في السلوك التنظيمي
المدير/القائد الفعال هو من ينظر إلى منظمته ككائن حي .. كائن يتنفس .. يأكل .. يحلم .. يجتهد حيناً ويلهو حيناً .. يفكر .. يتعلم .. تحركه دوافعه الداخلية أكثر من الخارجية.. ينتج .. يصيب.. يخطئ .. يتخيل .. يبدع! 

المصدر: مجلة التدريب والتقنية، الرياض: المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، العدد 71، يناير، 2005م