الصمت التنظيمي Organizational Silence
إعــداد: العقـيـد الدكتــور خالد الربابعة
مدير معهد تدريب عمليات حفظ السلام
المقدمة
يعتبر الصمت التنظيمي من الموضوعات الحديثة، والتي لها أثر كبير على عمليات التطوير والتحديث في المنظمات وبالتالي الأثر الكبير على كفاءتها وفاعليتها، ويمثل الصمت التنظيمي الموقف العام للأفراد العاملين في المنظمات حيال القضايا التي تحدث فيها، وهو خيار سلوكي يؤثر على أداء المنظمات، وقد أظهرت الدراسات أن هنالك علاقة وطيدة بين الصمت التنظيمي واتخاذ القرارات.
إن المنظمات الصامتة تعج بالأذكياء، وعلى قادة ومدراء المنظمات الكشف عن الأسباب الكامنة وراء الصمت التنظيمي، وتفعيل الصوت التنظيمي والمشاركة الفاعلة التي تسهم في دفع عجلة التقدم والتطوير وبالتالي زيادة كفاءة وفاعلية المنظمات.
المفهوم
تعود بداية الحديث عن الصمت التنظيمي الى الباحث هيرشمان Hirschman عام 1970م والذي حاول تحديد مفهوم الصمت التنظيمي حيث أطر الصمت كرد فعل سلبي، لكن بناءه مرادف للولاء، فعلى سبيل المثال فان الموظفين الذين يتعرضون لمعاملة سيئة ولا يتقدمون بشكاوى رسمية فان ذلك يعتبر من باب الصمت بالتراضي وان السكوت دليل على الولاء.
وتعتبر دراسات (Morrison and Milliken, 2000) و (Pinder and Harlos, 2001) من أهم الدراسات في هذا المجال، ففي دراسة (موريسون وميليكن، 2000م) حللا عمليات الصمت التنظيمي داخل المنظمات والتي تم تطويرها وفق أنظمة بالاعتماد على استمراريتها والظروف التنظيمية التي تعززها، وقد عرفت الدراسة الصمت التنظيمي " الحجب الواعي للأعمال، الأفكار، المعرفة والمقترحات التي تؤدي الى تطوير المنظمة من قبل العاملين"
ويمكن تعريف الصمت التنظيمي على أنه عبارة عن احجام العاملين عن التعبير عن المعلومات والأفكار والمشاعر والمدركات والمقترحات بأي شكل من الأشكال طوعا أو كرها ولأسباب متعددة.
أسباب الصمت التنظيمي
يعزو البعض الصمت التنظيمي الى عوامل خارجية مثل المعتقدات التنظيمية والخصائص التنظيمية وتعاون العاملين، ويرى البعض أن هنالك عوامل داخلية للصمت التنظيمي تعود للشخص نفسه كالخبرة والدافعية والشخصية.
وفيما يلي بعض أهم أسباب الصمت التنظيمي:
1. زملاء العمل: يمكن أن تتسبب في الصمت التنظيمي من خلال المكافأة كالاعتراف والصداقة أو من خلال المعاقبة مثل عزل الشخص، كما يمكن من خلال جماعات العمل وضع المعايير والقواعد للتصرف حيال الأوضاع المختلفة للمنظمة.
2. المعتقدات التنظيمية: تعتبر المعتقدات التنظيمية سبب رئيسي للصمت التنظيمي فالاعتقاد الضمني حول العاملين بأنهم مهتمون بذاتهم ولا يمكن الاعتماد عليهم والتي تنطلق من نظرية X لماكريجور قد تكون سببا رئيسيا للصمت التنظيمي، كما أن بعض المعتقدات السائدة مثل معتقد أن الإدارة تعرف أفضل حول معظم الأشياء التي تهم المنظمة تعد من أسباب الصمت، ومن المعتقدات التنظيمية أن التوافق والاجماع دليل على الصحة التنظيمية.
3. خصائص المنظمة: تعتبر خصائص المنظمة كما يتم تصويرها في هياكل وثقافة المنظمة أحد أسباب الصمت التنظيمي.
4. هيمنة العقل الجمعي: يحجم الأفراد في المنظمات عن المشاركة ويركنون للصمت عندما يشعرون أن آراءهم غير مقبولة من الجماعة، وقد تتسبب هذه الآراء والأفكار في عزلهم عن الجماعة أو النظر إليهم بسخرية وازدراء.
5. عدم الثقة بالرؤساء: تعد أحد أسباب اللجوء للصمت خوفا من التعرض للخطر أو إساءة فهم المعلومات والمشاركات.
6. الخوف من المشاركة: والبعض يطلق عليه الصمت الدفاعي وهو عبارة عن الاحجام المتعمد عن طرح الأفكار الكبيرة، المعلومات، والمشاعر كحماية للنفس قائمة على الخوف.
7. الشعور بعدم القدرة على التغيير: عندما يشعر الأفراد بعدم القدرة على التغيير، وأن أفكارهم لا تؤخذ على محمل الجد، بل على العكس ربما قد تصبح جزء من التقييم السلبي لهم فانهم يحجمون عن المشاركة ويركنون للصمت.
8. الخوف من الاضرار بالرؤساء أو زملاء العمل: قد تتسبب مشاركة العاملين بمعلومات بالإضرار برؤسائهم أو زملائهم في العمل مما قد يدفعهم للصمت.
الآثار المترتبة على الصمت التنظيمي
أولا: الآثار التنظيمية للصمت التنظيمي
للصمت التنظيمي آثار ضارة وبشكل كبير على المنظمة ككل، وقد تتسبب بمستويات عالية من عدم الرضا، والمتمثلة في الغياب ودوران العمل وغيرها من السلوكيات غير المرغوب فيها. تعتبر الاتصالات مفتاح النجاح للمنظمات، وعندما يحدث الصمت التنظيمي تتأثر منظومة الاتصالات داخل المنظمة مما يضر بالوظائف الكلية للمنظمة. ان الصمت التنظيمي يؤدي الى قتل روح الابداع، واستمرار المنظمة بمشاريع سيئة التخطيط تقود الى منتجات وخدمات رديئة، وقد تؤدي الى انخفاض في المعنويات.
وقد يؤدي الصمت التنظيمي الى خلق أفراد غير مبالين تجاه منظماتهم وتجاه وظائفهم وأعمالهم وبالتالي يتسبب ذلك في ضعف مستويات الأداء المؤسسي للمنظمة ككل والذي قد يتسبب بخسائر مادية كبيرة للمنظمة، كما قد يتسبب الصمت التنظيمي بعدم المشاركة في العمل علاوة على عدم الإبلاغ عن أية أخطاء يتم ملاحظتها تقود الى دورة دائمة من صمت العاملين.
ثانيا: آثار الصمت التنظيمي على العاملين
ان صمت العاملين له العديد من التبعات والتأثيرات على العاملين أنفسهم، فالموظفون غير المبالين هم نتاج الصمت التنظيمي، فاللامبالاة تدفع الموظفين الى الشعور أنهم مجرد تروس في آلات المصنع، وقد تتطور الأمور الى الإحساس بالإحباط أو حتى بعض المشاكل الصحية، مما يدفعهم الى تناول الأدوية أو حتى المشروبات الكحولية للخروج من هذا المأزق وهذا بدوره يفاقم المشكلة وينقلها الى وضع أسوأ.
وهنالك مثال آخر على تأثيرات الصمت التنظيمي على العاملين فصلها بعض الباحثين والذي بين أن للصمت التنظيمي تأثير على الرفاه الشخصي للعاملين، وزيادة التوتر لديهم، كما يدفعهم للشعور بالذنب، حيث غالبا ما يواجهون مشاكل نفسية وصعوبات في رؤية إمكانية التغيير.
يعتقد معظم الناس أن الصمت التنظيمي يضر فقط بالمنظمة، ولكن حقيقة الأمر أنه يضر كل من المنظمة والعاملين.
الخاتمة
تعتبر منظمات اليوم منظمات قائمة على المعرفة، فهي تحاول الاستفادة من رأس المال الفكري المتوفر لديها من أجل زيادة كفاءتها، لذا فانه من الضروري الكشف عن أفكار وآراء العاملين والاستماع للصوت التنظيمي، وبعبارة أدق فان أكثر العقبات التي تواجه التغيير التنظيمي هي نقص المعلومات ونقص الثقة وهما نتاج الصمت التنظيمي، كما تشير الدراسات الحالية الى أن الصمت التنظيمي إشارة الى الانسحاب أو الاحتجاج على الممارسات التنظيمية، ولا يمكن النظر اليه فقط على أنه نوع من القبول السلبي للوضع القائم، فهو أبعد من ذلك حيث يشكل نوعا خاصا من الرسائل التي يجب الكشف عنها.
المراجع:
لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
إعــداد: العقـيـد الدكتــور خالد الربابعة
مدير معهد تدريب عمليات حفظ السلام
المقدمة
يعتبر الصمت التنظيمي من الموضوعات الحديثة، والتي لها أثر كبير على عمليات التطوير والتحديث في المنظمات وبالتالي الأثر الكبير على كفاءتها وفاعليتها، ويمثل الصمت التنظيمي الموقف العام للأفراد العاملين في المنظمات حيال القضايا التي تحدث فيها، وهو خيار سلوكي يؤثر على أداء المنظمات، وقد أظهرت الدراسات أن هنالك علاقة وطيدة بين الصمت التنظيمي واتخاذ القرارات.
إن المنظمات الصامتة تعج بالأذكياء، وعلى قادة ومدراء المنظمات الكشف عن الأسباب الكامنة وراء الصمت التنظيمي، وتفعيل الصوت التنظيمي والمشاركة الفاعلة التي تسهم في دفع عجلة التقدم والتطوير وبالتالي زيادة كفاءة وفاعلية المنظمات.
المفهوم
تعود بداية الحديث عن الصمت التنظيمي الى الباحث هيرشمان Hirschman عام 1970م والذي حاول تحديد مفهوم الصمت التنظيمي حيث أطر الصمت كرد فعل سلبي، لكن بناءه مرادف للولاء، فعلى سبيل المثال فان الموظفين الذين يتعرضون لمعاملة سيئة ولا يتقدمون بشكاوى رسمية فان ذلك يعتبر من باب الصمت بالتراضي وان السكوت دليل على الولاء.
وتعتبر دراسات (Morrison and Milliken, 2000) و (Pinder and Harlos, 2001) من أهم الدراسات في هذا المجال، ففي دراسة (موريسون وميليكن، 2000م) حللا عمليات الصمت التنظيمي داخل المنظمات والتي تم تطويرها وفق أنظمة بالاعتماد على استمراريتها والظروف التنظيمية التي تعززها، وقد عرفت الدراسة الصمت التنظيمي " الحجب الواعي للأعمال، الأفكار، المعرفة والمقترحات التي تؤدي الى تطوير المنظمة من قبل العاملين"
ويمكن تعريف الصمت التنظيمي على أنه عبارة عن احجام العاملين عن التعبير عن المعلومات والأفكار والمشاعر والمدركات والمقترحات بأي شكل من الأشكال طوعا أو كرها ولأسباب متعددة.
أسباب الصمت التنظيمي
يعزو البعض الصمت التنظيمي الى عوامل خارجية مثل المعتقدات التنظيمية والخصائص التنظيمية وتعاون العاملين، ويرى البعض أن هنالك عوامل داخلية للصمت التنظيمي تعود للشخص نفسه كالخبرة والدافعية والشخصية.
وفيما يلي بعض أهم أسباب الصمت التنظيمي:
1. زملاء العمل: يمكن أن تتسبب في الصمت التنظيمي من خلال المكافأة كالاعتراف والصداقة أو من خلال المعاقبة مثل عزل الشخص، كما يمكن من خلال جماعات العمل وضع المعايير والقواعد للتصرف حيال الأوضاع المختلفة للمنظمة.
2. المعتقدات التنظيمية: تعتبر المعتقدات التنظيمية سبب رئيسي للصمت التنظيمي فالاعتقاد الضمني حول العاملين بأنهم مهتمون بذاتهم ولا يمكن الاعتماد عليهم والتي تنطلق من نظرية X لماكريجور قد تكون سببا رئيسيا للصمت التنظيمي، كما أن بعض المعتقدات السائدة مثل معتقد أن الإدارة تعرف أفضل حول معظم الأشياء التي تهم المنظمة تعد من أسباب الصمت، ومن المعتقدات التنظيمية أن التوافق والاجماع دليل على الصحة التنظيمية.
3. خصائص المنظمة: تعتبر خصائص المنظمة كما يتم تصويرها في هياكل وثقافة المنظمة أحد أسباب الصمت التنظيمي.
4. هيمنة العقل الجمعي: يحجم الأفراد في المنظمات عن المشاركة ويركنون للصمت عندما يشعرون أن آراءهم غير مقبولة من الجماعة، وقد تتسبب هذه الآراء والأفكار في عزلهم عن الجماعة أو النظر إليهم بسخرية وازدراء.
5. عدم الثقة بالرؤساء: تعد أحد أسباب اللجوء للصمت خوفا من التعرض للخطر أو إساءة فهم المعلومات والمشاركات.
6. الخوف من المشاركة: والبعض يطلق عليه الصمت الدفاعي وهو عبارة عن الاحجام المتعمد عن طرح الأفكار الكبيرة، المعلومات، والمشاعر كحماية للنفس قائمة على الخوف.
7. الشعور بعدم القدرة على التغيير: عندما يشعر الأفراد بعدم القدرة على التغيير، وأن أفكارهم لا تؤخذ على محمل الجد، بل على العكس ربما قد تصبح جزء من التقييم السلبي لهم فانهم يحجمون عن المشاركة ويركنون للصمت.
8. الخوف من الاضرار بالرؤساء أو زملاء العمل: قد تتسبب مشاركة العاملين بمعلومات بالإضرار برؤسائهم أو زملائهم في العمل مما قد يدفعهم للصمت.
الآثار المترتبة على الصمت التنظيمي
أولا: الآثار التنظيمية للصمت التنظيمي
للصمت التنظيمي آثار ضارة وبشكل كبير على المنظمة ككل، وقد تتسبب بمستويات عالية من عدم الرضا، والمتمثلة في الغياب ودوران العمل وغيرها من السلوكيات غير المرغوب فيها. تعتبر الاتصالات مفتاح النجاح للمنظمات، وعندما يحدث الصمت التنظيمي تتأثر منظومة الاتصالات داخل المنظمة مما يضر بالوظائف الكلية للمنظمة. ان الصمت التنظيمي يؤدي الى قتل روح الابداع، واستمرار المنظمة بمشاريع سيئة التخطيط تقود الى منتجات وخدمات رديئة، وقد تؤدي الى انخفاض في المعنويات.
وقد يؤدي الصمت التنظيمي الى خلق أفراد غير مبالين تجاه منظماتهم وتجاه وظائفهم وأعمالهم وبالتالي يتسبب ذلك في ضعف مستويات الأداء المؤسسي للمنظمة ككل والذي قد يتسبب بخسائر مادية كبيرة للمنظمة، كما قد يتسبب الصمت التنظيمي بعدم المشاركة في العمل علاوة على عدم الإبلاغ عن أية أخطاء يتم ملاحظتها تقود الى دورة دائمة من صمت العاملين.
ثانيا: آثار الصمت التنظيمي على العاملين
ان صمت العاملين له العديد من التبعات والتأثيرات على العاملين أنفسهم، فالموظفون غير المبالين هم نتاج الصمت التنظيمي، فاللامبالاة تدفع الموظفين الى الشعور أنهم مجرد تروس في آلات المصنع، وقد تتطور الأمور الى الإحساس بالإحباط أو حتى بعض المشاكل الصحية، مما يدفعهم الى تناول الأدوية أو حتى المشروبات الكحولية للخروج من هذا المأزق وهذا بدوره يفاقم المشكلة وينقلها الى وضع أسوأ.
وهنالك مثال آخر على تأثيرات الصمت التنظيمي على العاملين فصلها بعض الباحثين والذي بين أن للصمت التنظيمي تأثير على الرفاه الشخصي للعاملين، وزيادة التوتر لديهم، كما يدفعهم للشعور بالذنب، حيث غالبا ما يواجهون مشاكل نفسية وصعوبات في رؤية إمكانية التغيير.
يعتقد معظم الناس أن الصمت التنظيمي يضر فقط بالمنظمة، ولكن حقيقة الأمر أنه يضر كل من المنظمة والعاملين.
الخاتمة
تعتبر منظمات اليوم منظمات قائمة على المعرفة، فهي تحاول الاستفادة من رأس المال الفكري المتوفر لديها من أجل زيادة كفاءتها، لذا فانه من الضروري الكشف عن أفكار وآراء العاملين والاستماع للصوت التنظيمي، وبعبارة أدق فان أكثر العقبات التي تواجه التغيير التنظيمي هي نقص المعلومات ونقص الثقة وهما نتاج الصمت التنظيمي، كما تشير الدراسات الحالية الى أن الصمت التنظيمي إشارة الى الانسحاب أو الاحتجاج على الممارسات التنظيمية، ولا يمكن النظر اليه فقط على أنه نوع من القبول السلبي للوضع القائم، فهو أبعد من ذلك حيث يشكل نوعا خاصا من الرسائل التي يجب الكشف عنها.
المراجع:
-Akbarian, et all, (2015) Review organizational silence factors
Journal of Scientific Research and Development 2 (1): 178-181, 2015 Available online at www.jsrad.org
-Morrison, E. and F. Milliken (2000). Organizational silence: A barrier to change and development in a pluralistic world, Academy of Management Review, 25(4): 706-25
-Pinder, C. C. and Harlos, K. P. (2001). Employee silence: Quiescence and acquiescence as responses to perceived injustice, Research in Personnel and Human Resources Management, 20: 331-369
-OWUOR, ANGELA ACHIENG, (2014), “ORGANIZATIONAL SILENCE AFFECTING THE EFFECTIVENESS OF ORGANIZATIONS IN KENYA: A CASE STUDY OF SAFARICOM CALL CENTER” UNITED STATES INTERNATIONAL UNIVERSITY, A Project Report Submitted to the Chandaria School of Business in Partial Fulfillment of the Requirement for the Degree of Masters in Business Administration (MBA)
0تعليقات