تعاريف ادراة الموارد البشرية :
هي الإدارة المختصة بكل ما يتعلق بالعنصر البشري في المؤسسات من البحث عن المصادر القوى العاملة البشرية واختيارها ثم تعيينها وتدريبها إلى غاية تحقيق ما يسمى التنمية البشرية وتهيئة المناخ الملائم الذي يدفع الفرد إلى بذل جهود مستمرة في المؤسسة.
ويمكن اعتبار الموارد البشرية العملية الخاصة لجلب الأفراد وتطوير قدراتهم ومهاراتهم لتحقيق أهداف المؤسسة وهو النشاط الإداري المتمثل في التخطيط للعنصر البشري أو القطاع المهتم باستمرارية وجود القوى العاملة التي تحتاج إليها المنظمة وهذا الاهتمام ليس فقط في رفع مستوياتهم وتكوينهم بل الاهتمام بنفسيتهم ومعنوياتهم وذلك لترغيبهم في العمل لا إكراههم له ومنه إشباع المؤسسة وتحقيق مبتغاها ورغبات العامل الفردية والجماعية.
1. المفاهيم الحديثة حول إدارة الموارد البشرية
تعتبر الموارد البشرية المتمثلة في الموظفين بالمنظمة من مختلف الفئات والمستويات و التخصصات هي الدعامة الأساسية التي تستند إليها المنظمة الحديثة.
و نظرا للأهمية الفائقة للموارد البشرية و قدرتها على المساهمة ايجابيا في تحقيق أهداف المنظمة، تولي الإدارة الحديثة اهتماما متناسب بقضايا الموارد البشرية و هذا من زاويتين، الأولى منها الموارد البشرية في الفكر الإداري الحديث، و الثانية الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية .
1.1. الموارد البشرية في الفكر الإداري الحديث:
إنّ اهتمام الإدارة المعاصرة بقضايا الموارد البشرية يعبر عن محاولة لإيجاد التوازن بين أهداف المنظمة و أهداف الأفراد، و بين التكلفة و العائد في التعامل مع الأفراد، و تنطلق الإدارة الحديثة في اهتمامها بالتنمية البشرية من اعتقاد علمي سليم أن الإنسان لديه طاقات وقدرات ذهنية تفوق كثيرا ما يتم استغلاله أو الاستفادة به فعلا في مواقع العمل المختلفة، و إن الاستفادة القصوى من تلك القوة الذهنية هي المصدر الحقيقي لتميز المنظمات و قدرتها على تحقيق إنجازات باهرة غير تقليدية([1]) و لذلك نجد أن المحور الأساسي في فكر الإدارة الجديدة هو إعطاء الفرصة لمواردها البشرية و الاهتمام بها حتى تتمكن من تحويل مفهوم إدارة الأفراد إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية لجعل هذه الموارد تمتاز بإستراتيجية فعالة على مستوى المنظمات.
إنّ الحقيقة المهمة التي يركز عليها الفكر الإداري المعاصر أن هذا الجهد البشري لا يمكن أن يصل إلى تحقيق نتائج ذات قيمة بمجرد أن يتوافر، بل لابد من التخطيط و الإعداد و التوجيه والتنمية المتواصلة في إطار نظام متطور لإدارة الموارد البشرية بالتناسق مع استراتيجيات المنظمة.
نشأة إدارة الموارد البشرية
قبل الثورة الصناعية كان المصدر الأساسي للموارد البشرية في حلقة إنتاجية يقوم بها الأفراد من عملية التفكير حتى التنفيذ، بحيث أن النمط السائد آنذاك هو الإنتاج اليدوي وهو الأسلوب الذي يكسب الفرد المهارات اللازمة للعمل في حرفة معينة وبالتالي لم تكن هناك حاجة ملحة لاستخدام الأساليب العلمية المتطورة من اجل الوصول إلى رقي الموارد البشرية، وفي المرحلة ما بين
1830-1944 كانت المؤسسات الصناعية تستعمل يد عاملة كثيفة ومتخصصة ومناهج العمل تطبيقية مباشرة لكن كفاءتها تتميز بالضعف، كما أنها كانت تحتاج إلى مهارات كبيرة من العمال وأعداد كبيرة من الأفراد مما أدى إلى عجز المؤسسات في إيجاد الموارد البشرية اللازمة.[2]
ولكن مع تطور العلم والتكنولوجيا ظهرت الحاجة إلى الاهتمام والاعتماد على العلم والدراسات والبحوث لتوفير المهارات والأفراد الذين ينهضون بالمؤسسات نحو التطور ومنها ظهرت العديد من البحوث والدراسات التي قامت بمساهمة فعالة في تطوير ميدان تسيير الموارد البشرية من بينها :
فريديريك تايلور1856/1915 :
مع تايلور ظهر ميلاد تنظيم جديد يدعى بالتنظيم العلمي في العمل واستنتج انه ليس من المستحيل زيادة كثافة العمل من اجل الحصول على فائض الإنتاج لكن تجربته كانت ترتكز على تجزئة المهام الموكلة للعمال والتخصص في العمل كما أنها ألحت علىالتكوين للعمال.
هينري جانت 1856/1915 و ماكس ويبر 1856/1915 :
ركز الاثنان على إلزامية الاهتمام بالمورد البشري والتكوين.
تطور إدارة الموارد البشرية
· مرحلة ماقبل الحرب العالمية الأولى:
كانت المؤسسات لاتحتوي على وظائف معقدة تجعل تشكل إدارة الموارد البشرية، بحيث اكتفت المؤسسات الضخمة بإيجاد بعض المصالح المتخصصة بمهام هذه الإدارة منها التوظيف والتمهين لكن الوظائف المعقدة تعالج من طرف الإدارة المركزية مثل قضايا السلم الهرمي.
· مرحلة ما بين الحربين:
كان هناك تطور في مصالح المستخدمين خصوصا في المؤسسات الضخمة اختصت في تنظيم العمل بحيث أخذت تسيير الموارد البشرية بالحسبان، والتكوين للفرد في مهامها الأولية وقامت بالاعتناء بالأفراد فبدؤوا يحسون بأنهم في مؤسسات نوعا ما تعتني بهم كأفراد وليسوا كآلات.
· مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية:
ما هو بارز في هذه المرحلة هو ظهور نقابة كهيئة مدافعة عن حقوق العمال والشركاء الاجتماعية.
· مرحلة ما بين 1960/1975:
شهدت هذه المرحلة تطورا ملحوظا في إدارة الموارد البشرية بحيث بدأت المنظمات تطبق الاتفاقيات الجماعية مع النقابات بالإضافة إلى استعمال تقنية تسيير المسار المهني والتوظيف.
· مرحلة ما بين 1975/1985:
ما ميز هذه المرحلة هو ظهور إدارة الموارد البشرية في صورة فعلية في المؤسسات لكن الواقع الذي كان سائدا في ذلك الوقت هو المنافسة التي أصبحت أكثر دولية بحيث سادت نسبة البطالة وبرز استعمال الإعلام الآلي.
· مرحلة ما بعد 1985:
إبتداءا من هذا التاريخ أصبحت وظيفة تسيير الموارد البشرية تكتسي طابعا ذو أهمية بالغة في الإدارة العامة وأضحت تحضى بالقيمة الكافية كما أنها فرضت نفسها لمواجهة تحديات القرن العشرين.[3]
المبحث الثاني: دور وأهمية إدراة الموارد البشرية
المطلب الأول : دور إدارة الموارد البشرية
يقصد به الدور الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية في المنظمة، فهي تعاون الإدارة العليا في وضع السياسات و القواعد و النظم و اتخاذ القرارات المتعلقة بالأفراد، و تتأكد من توحد الممارسات بين الإدارات المختلفة من معاملة الموظفين.
و تراعي المشاكل الفردية للعاملين على أساس أن لكل فرد حاجاته و تطلعاته و سماته الشخصية،
و يساعد رؤساء الموظفين المباشرين في إدارتهم و اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنهم.
دور فعال: الدور الذي تشارك فيه إدارة الموارد البشرية مدراء خطة السلطة و الإدارة العليا فيتطوير السياسات و القواعد و النظم و اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بشؤون العاملين.
دور محدود: الدور الذي تنفذ فيه إدارة الموارد البشرية القرارات و الأوامر التي يصدرها مدراء خط السلطة و الإدارة العليا و كذلك تطبيق السياسات و القواعد و النظم التي يحددونها لتعامل مع شؤون العاملين دون مشاركة فعلية في تطويرها.[4]
و قد تطورت وظيفة إدارة الموارد البشرية فبعد أن كان دورها التقليدي مقتصر على القيام باستقطاب اليد العاملة و التعيين وصف الأجور و منح الإجازات أخد دورها يتسع ليصبح أكثر شمولا و تخصصا، وأصبح لإدارة الموارد البشرية دور استراتيجي يتطلب توافر كفاءات متخصصة لمزاولة الجوانب المتعددة من نشاطها فقد أصبحت تمارس مهاما متخصصة
و إستراتيجية إلى جانب المهام التنفيذي، و هذا سنوضحه في الجدول التالي
الدور الاستراتيجي
الدور التنفيذي
ـ تخطيط استراتيجي للقوى العاملة
ـ معالجة المسائل القانونية
ـ دراسة اتجاهات و مشاكل القوى العاملة
ـ التنمية الاقتصادية للمجتمع
ـ خفض التكلفة و تحقيق المزايا للعاملين
ـ توفير المشورة للمسؤولين و العاملين حول كافة المسائل المتصلة بشؤون العاملين.
ـ تصميم الامتحانات بأنواعها,
ـ اقتراح سياسات الأجور و الحوافز,
ـ اقتراح أنظمة لتقييم الأداء و الإشراف على
تنفيذها و تصنيف الوظائف.
ـ تصميم البرامج التدريبية على مستوى المنشأة,
ـ استقطاب و اختيار القوى العاملة
ـ تنفيذ برامج التهيئة للعاملين
ـ الإشراف على تنفيذ برامج سلامة ومتابعة
الحوادث.
ـ مسك سجلات العاملين، ملفات، قيود.
ـ إجراء المقابلات والتحريات للمتقدمين للعمل.
ـ استخدام نظام معلومات للعاملين بين رصيد
الوظائف لكل إدارة أو قسم المشغولة و
الشاغرة و الحياة الوظيفية للموظف.
ـ العلاقات العمالية و حل المشاكل.
ـ الإشراف على تنفيذ السياسات المتصلة بالعاملين و كذلك بالنظام التأديبي.
جدول رقم¹: يوضح دور إدارة الموارد البشرية.
[1]د/نصر حنا الله، كتاب إدارة الموارد البشريةدار زهران، عمان، 2002، ص10
المطلب الثاني: أهمية الموارد البشرية
تعتبر الموارد البشرية أهم الموارد الاقتصادية القاطبة ،و يرجع ذلك لكون الإنسان هو المنتج والمستهلك فالإنسان بذكائه، و قدراته الخاصة يستطيع أن يكتشف المزيد من الموارد الطبيعية، واستخدام منافع جديدة لها ، كما يمكن له أن يبتدع فنونا إنتاجية تطيل من عمر هذه المواد، و يرفع من إنتاجيتها .
فكلما ارتفع مستوى مهارات و فنيات الموارد البشرية في بلد من البلدان، كلما عوضها ذلك عن بعض الموارد الطبيعية، وزاد حجم إنتاجها القومي، ولعل خير مثال على ذلك اليابان. ولقد أدرك البنك الدولي أهمية الاستثمار في رأسمال البشري، فقلل من سياسته الاقراضية بحيث أصبح يوجه موارد أكثر للاستثمارات البشرية، سواء في مجال التعليم، أو الصحة، أو التغذية.[5]
وظائف وأهداف إدراة الموارد البشرية وتحدياتها
وظائف إدراة الموارد البشرية
ينطوي عمل إدارة موارد الأفراد على مجموعة واسعة من الأنشطة. و تختلف هذه الأنشطة باختلاف حجم المنشأة. فعندما تكبر المنشأة و يزداد عدد الأفراد العاملين بها وبالتالي تزداد مشاكلهم. نجد أن الإدارة العليا تعلق أهمية كبيرة على وظيفة إدارة الأفراد داخل المنشأة
الفرع الأول : الوظائف الفنية
و بصرف النظر عن اختلاف درجات الاهتمام التي تعطى لوظيفة الأفراد يمكن القول أن نطاق عمل إدارة الأفراد و بصفة خاصة في المنشآت الكبيرة ينحصر في المهام الآتية :
ü وضع سياسات الأفراد الرئيسية و الإجراءات العامة التي تستخدم للإرشاد بها في تحديد
ü العلاقة بين المنشأة و العاملين فيها
ü القيام بجمع و تفسير المعلومات الخاصة بأداء العاملين و اتجاهاتهم نحو الإدارة و نحو
ü المنشأة و نحو أعمالهم
ü اختيار العاملين الجدد
ü تنمية برامج التدريب المناسبة للعاملين و التي ترفع من مستوى أدائهم
ü الإشراف على برامج تقييم الأداء
ü مساعدة رؤساء الإدارات الأخرى فيما يتعلق بشؤون العاملين كالترقية و النقل و الاستغناء غير ذلك
ü وضع تحليل المهام و تقييم للوظائف في المستويات المختلفة للمنشأة
ü وضع نظام للأجور و المكافآت و غيره من الحوافز
ü الاهتمام بالجوانب السلوكية للعاملين و تحريك دوافعهم حماسهم للعمل[6]
ü تنمية المهارات الإدارية
ü تخطيط القوى العاملة
ü الأمن الصناعي[7]
و عليه يمكن القول أن إدارة النفس البشرية تحتوي جزء فني و هو ما سبق ذكره و جزء إداري و يشمل التخطيط و التنظيم و التوجيه و الرقابة و جزء تنفيذي و يشمل التوظيف و التكوين.
الفرع الثاني : وظائف الإدارية
التخطيط:
يعتبر التخطيط الوظيفة الأولى في العملية الإدارية، فعن طريق التخطيط تتحدد الهداف المطلوب انجازها لكل مستوى من التنظيم و الوسائل الواجب إتباعها لتحقيق هذه الأهداف، و من ثم فان الخطط الموضوعية في كل مستوى من المستويات الإدارية تحدد طريقة الأهداف و تمدنا في نفس الوقت بالأساس الذي يمكننا من التحكم على درجة النجاح في تحقيق هذه البرامج و القواعد و الميزانيات أمثلة للخطط التي تساعد في انجاز الأهداف.
و هناك مجموعتان أساسيتان من الخطط الأولى منها التي تعطي عادة فترة زمنية طويلة نسبيا مثل خطط تقديم المنتجات الجديدة و تطوير المنتجات الحالية و خطط التوسع في الطاقة الإنتاجية، بينما نجد أن التخطيط قصير الأجل يتضمن الخطط التي توضع لجدولة الإنتاج خلال الأسبوع أو الشهر و الخطط المبيعات خلال الستة أشهر أو أقل...و هكذا.
و لهذا نجد أن كافة المديرين يقومون بالتخطيط و إن اختلفت الأهمية النسبية و النطاق الذي تغطيه عملية التخطيط فعلى سبيل المثال فان المشرف في المستوى التنفيذي قد يضع خطة لجدولة عملية الإنتاج خلال الشهر التالي بينما يضع مدير الإنتاج خطة للتوسع في خطوط الإنتاج الخمس سنوات التالية، و من الملاحظ في المثال السابق أن نطاق التخطيط في الحالة الأولى أضيق منه في الحالة الثانية (على مستوى الإدارة العليا) و كذلك وقت التخطيط في خطة المشرف أقل من الوقت الذي يتضمنه خطة الإنتاج، و هذه الملاحظتين تقودنا إلى استنتاج هام و هو أن كلما صعدنا إلى المستويات الإدارية الأعلى كلما زاد نطاق التخطيط و طالت الفترة الزمنية التي تغطيها الخطة.
التنظيــم :
تتضمن وظيفة التنظيم تحديد العلاقة التنظيمية المطلوبة داخل العمل و اللازمة لتسيير الخطط السابق وضعها، و تحديد خطوط السلطة و درجة المركزية و اللامركزية المطلوبة في اتخاذ القرارات و تجميع الأعمال و الأنشطة داخل وحدات تنظيمية و تحديد نطاق الإشراف الواجب تطبيقه و بصفة عامة يحدد التنظيم طريقة تنفيذ الخطط من خلال الوحدات التنظيمية المختلفة داخل المنظمة.
و هناك العديد من المبادئ الإدارية التي تستند عليها العملية التنظيمية مثل:
ü مبدأ وحدة الرئاسة
ü وحدة التوجيه و تيم العمل
ü المركزية و اللامركزية...الخ.
و يعتبر التنظيم ضروريا في كافة المستويات الإدارية فعندما يقسم العمل بين الإدارات ثم بين الأفراد فان على المديرين المسؤولين أن يتحملوا المسؤولية في مقابل السلطة الممنوحة لهم لتسيير العمل و محاسبة مرؤوسيهم و تعتبر وظيفة التنظيم وظيفة مستمرة للمدير.
التوجيــه:
طالما أن كل المديرين يعملون مع أفراد فيجب عليهم أن يوفروا لهم الظروف التي تشجع المرؤوسين على العمل بكفاءة.
و يطلق على التوجيه العديد من التسميات مثل:
ü الحفز.
ü القيادة.
ü التأثير.
و إن كانت كلها تدور حول معنى واحد و هو كيفية التعامل مع الأفراد داخل المنظمات و وظيفة التوجيه عملية معقدة حيث يتم من خلالها توفير حوافز خارجية مثل:الزيادة في الأجور و الترقية،
و أخرى داخلية مثل : تقدير الآخرين للفرد و الانجاز في العمل بالإضافة إلى ضرورة ممارسة المدير لدوره القيادي في التأثير على مرؤوسيه.
فالتوجيه وظيفة مركبة تنطوي على كل الأنشطة التي صممت لتشجيع المرؤوسين على العمل بكفاءة و فاعلية و بالتالي إصدار ا لأوامر و التعليمات لتنفيذ هذه الأعمال و مساعدة العاملين على بذل أقصى طاقاتهم في الأداء عن طريق تقديم النصائح و الإرشادات و تكمن في أهمية التوجيه في إنجاح العملية الإدارية حيث يتوقف على هذه الوظيفة بعث الحياة في الخطط و التنظيم و تحقيق التكامل في الجهود و التنسيق بينهما و بين أهداف الفرد.[8]
الرقابــة:
تمثل الرقابة الوظيفة الأخيرة في العملية الإدارية، حيث تكتمل هذه الأخيرة بالتأكيد من دقة تنفيذ الخطط عن طريق مقرنة الأداء الفعلي بالمعايير الموضوعية، و في اختلافهما يتم اتخاذ الإجراءات التصحيحية لمعالجة الانحرافات و تتعدد الإجراءات الواجب اتخاذها حسب طبيعة الانحرافات و أسبابها حيث توجد إجراءات قصيرة الأجل تستخدم إذا كانت الانحرافات ناتجة عن أسباب يمكن معالجتها في المدى القصير ـ و قد تكون الإجراءات التصحيحية طويلة الأجل إذا كانت بسبب تقادم أو اختلاف الهيكل التنظيمي.
و من ثم نجد أن وظيفة الرقابة من خلال عملية تصحيح الانحرافات تلتقي مع الوظائف الإدارية الأخرى حيث يترتب على عملية التصحيح لجراء تعديلات في الخطط أو التنظيم أو عملية القيادة.
و يرى العديد من الكتاب ارتباط وظيفة التخطيط بالرقابة حيث ينظر الكثيرون إلى أنهما وجهان لعملة واحدة، فلا يوجد أي ضرورة للرقابة إذا لم تكن هناك خطة موضوعية للتنفيذ.
و بالعكس ليس هناك معنى لوضع الخطط إذا لم يوجد نظام فعال للرقابة عليها، و في هذا الصدد
يمكن اعتبار وظيفتي الخطط و الرقابة كجزء من دائرة متكاملة تبدأ بالتخطيط و تنتهي بالرقابة ثم التأثير.
الفرع الثالث : وظـائف تنفيذية
التوظيف:
وهي عبارة عن أعمال البحث عن المرشحين المناسبين لشغل المناصب في المؤسسة و يتعلق بإيجاد الكم و الكيف من المستقدمين الذين هم بحاجة إليهم في أقرب وقت ممكن، كما أن عملية التوظيف تتطلب الاختيار بين العديد من المرشحين من أجل عمل معين و للقيام بعملية التوظيف يجب إعداد إجراءات صارمة تحتوي على الأقل على أربعة مراحل:
ü تحليل احتياجات التوظيف.
ü البحث عن المرشحين داخل أو خارج الهيئة، الأسئلة، المناقشة، الاختيار و وسائل مساعدة لأخذ قرار التوظيف.
ü استقبال و إدماج (أي الشخص الذي تم اختياره) و تحقيق أهداف المؤسسة أو الإدارة.
التكوين:
و يقصد بها إعداد الأفراد للاستخدام أو الترقي في أي فرع من فروع النشاط الاقتصادي في المؤسسة، و هو وسيلة النهوض بطاقات الشخص المهنية مع مراعاة الاستعداد و تمكينه من الاستفادة من قدراته حتى يحقق لنفسه و المؤسسة أكثر ما يمكن من مزايا أو إحداث مهارات فنية و إدارية لدى العاملين، و قد يؤدي التكوين إلى تعميق المعرفة المتخصصة و المهارة لدى الفرد بخصوص انجاز عمل أو أداء وظيفة معينة بذاتها، قد يتم التكوين من خلال برامج مخططة
و منظمة من قبل المنظمة، و قد يتم التكوين : بتكوين الموظف من تلقاء نفسه عن طريق المحاولة و الخطأ أو عن طريق ملاحظة ما يقوم به الآخرين.¹
الترقية:
هي شغل الموظف أو العامل المرقى لوظيفة أخرى ذات مستوى أعلى في السلطة و المسؤولية، وقد يصحب الترقية زيادة في الأجر و الميزات الأخرى، كما أن توفير فرص الترقية يعتبر من الأمور الحيوية لتنمية العمال، فالعامل لن يتولى عنده حافز التنمية الإدارية إذا لم تتوفر لديه.
أهداف إدراة الموارد البشرية
هناك أهداف متصلة بالمجتمع وأخرى متصلة بالعاملين و الثالثة بالإدارة (المنظمة) و تفصيلهم كالآتي:
v أهداف المجتمع
ـ المحافظة على التوازن بين الأعمال و شغلها، أو بمعنى آخر التوازن بين الفرص المتاحة و الطاقات البشرية التي يمكنها التقدم للحصول على هذه الفرص، و هذا يعني التوزيع المثمر للاستخدام متمثلا بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب أولا و الاستفادة القسوة من الجهود البشرية كل ذلك في ضوء رفع مستويات المعيشة.
ـ مساعدة الأفراد في إيجاد أحسن الأعمال و أكثرها إنتاجية و ربحية بالنسبة لكل منهم مما يجعلهم سعداء يشعرون بحماس نحو العمل إلى جانب رفع معنوياتهم و إقبالهم على العمل بحماس و شوق.
ـ تمكين الأفراد من بدل أقصى طاقاتهم و الحصول على مقابل لهذا البدل و توفير الإمكانيات الحديثة و المتقدمة في متناولهم.
ـ توفير الحماية و المحافظة على قوة العمل و تجنب الاستخدام غير السليم للأفراد.
ـ توفير الجو من العمل تسوده حرية الحركة و التعبير و تخلو منه السخرية و الإكراه مما يساعد على تحقيق الرفاهية العامة للأفراد المجتمع.
v أهداف العاملين
ـ إتاحةفرص التقدم و الترقي للأفراد عندما يصبحون مؤهلين لذلك إلى جانب إتاحة ظروف العمل المنشطة لهم لتمكينهم من العمل المتعاون الفعال الذي يزيد من دخولهم.
ـ توفير سياسة موضوعية تمنع الإشراف و التبذير في الطاقات البشرية و تتحاشى الاستخدام غير الإنساني للقوى العاملة، و تتفادى الاستخدام الذي يعرض الفرض للمخاطر غير الضرورية إلى جانب توفيرها لكل ما ينمي حرية الحركة و الاستقلال و المعاملة التي تتفق مع كرامة الفرد.
v أهداف المنظمة
ـ الحصول على الأفراد الأكفاء عن طريق تحديد المؤهلات و مواصفات الأعمال و البحث عن مصادر القوى العاملة و القيام بإجراءات الاختيار و التعيين.
ـ الاستفادة القصوى من الجهود البشرية عن طريق تدريبها وتطويرها و إتاحة الفرصة لتمكينها من الحصول على المعرفة و المهارة إلى جانب تقييم العاملين تقييما موضوعي في فترات دورية ليتعرف الفرد على مدى وصوله للمعايير المطلوبة و التطلع لتطوير كفاءته و كذلك تشجيع العمل الإداري الفعال و حفز الأفراد ليتسنى للمشروع أو المنظمة للاستفادة القصوى من جهود الأفراد.
ـ المحافظة على استمرار رغبة العاملين في العمل و اندماج أهدافهم مع أهداف المنظمة لخلق التعاون المشترك و ذلك عن طريق إشباع رغبات الفرد من خلال العمل، و لذا لابد أن يكون هناك نظاما عادلا للأجور و المكافآت، و أن نوفر للفرد ضمانا ضد عوائق العمل من أمراض و حوادث عمل و أن نوفر مردودا ماديا عند شيخوخته.
v أهداف اقتصادية
- تعمل على رفع من الفعالية و النتائج المالية لمؤسسة ما و ذلك عن طريق الاستعمال العقلاني لكل الأفراد العاملين فيها و ذلك بتقييم العمل، تحليل ووصف المناصب، اختيار أحسن المرشحين.
تحديات إدارة الموارد البشرية
لقد حدثت في الآونة الأخيرة تحولات جذرية في عالم الأعمال، أثرت على طبيعة الإدارة عموما و إدارة المورد البشري خصوصا، هذه التغيرات أوجدت تحديات جديدة ينبغي على إدارة الموارد البشرية أخذها في الحسبان عند وضع سياساتها، أهم هذه التحديات ما يلي:2
زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة: بدون أدنى شك أن الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا المعلومات داخل التنظيم، قد غيرت جذريا في أنواع الأعمال و المهارات التي تحتاج إليها، بهذا سوف تزداد أهمية بعض الأنشطة مثل : التدريب و التنمية و التنظيم قصد التأقلم مع هذه التغيرات الحاصلة، في حين قد يتم الاستغناء عن بعض الأنشطة و العاملين خاصة أصحاب المهارات البسيطة و الأعمال الروتينية.
التغيرات في تركيب القوى العاملة: نظرا لما أتاحته تكنولوجيا المعلومات من تسهيلات في إدارة الأعمال، أدى هذا إلى تغير في تركيبة القوى العاملة داخل التنظيم، فأصبحت المرأة تنافس الرجل في العديد من الوظائف، و هذا سيلقى عبء جديدا على إدارة الموارد البشرية نتيجة المطالبة بتحقيق المساواة بين الجنسين، كما يسمح هذا الاندماج الكبير للعنصر النسوي بتقلده مناصب كبرى داخل التنظيم، و هذا يتطلب من الإدارة إعداد خطط خاصة بهن (راعية صحية، الأمومة...الخ) ، لذا ينبغي على إدارة الموارد البشرية أن تكون مستعدة للتجاوب عمالة خاصة من الجنس الآخر.
نظام معلومات إدارة الموارد البشرية: و هذا يعتبر من لأهم التحديات الأساسية في عصر المعلومات الإدارة تحتاج حاليا إلى نظم معلومات حديثة تشتمل كل بيانات و خطط إدارة الموارد البشرية في شكل قسم متخصص يقدم النصح للإدارة.
لذلك ينبغي أن تتوفر للإدارة قاعدة من المعلومات الأساسية اعتمادا على خدمات الحاسب الآلي فالتحدي الذي يواجه معظم التنظيمات الكبيرة في الوقت الحاضر هو مقدرتها على التقدم بمعلومات ذات قيمة للإدارة تسعدها على اتخاذ قرارات رشيدة تجاه الموارد البشرية.
تغير القيم و الاتجاهات: تلعب القيم و الاتجاهات دورا مهما بالنسبة لإدارة الموارد البشرية فالنجاحات الكبيرة التي حققتها الشركات الكبرى كانت بأثر مباشر بدرجة اهتمام الإدارة بهذه القيم، لذا فانه يقع على عاتق إدارة الموارد البشرية كيفية وضع خطة قادرة على استغلال هذه القيم و الاتجاهات
( الولاء، الالتزام،..الخ). و في سبيل تحقيق الأهداف المسطرة خاصة مع الانفتاح العالمي بما يعرف بظاهرة العولمة وما أفرزته من آثار على الإدارة والأعمال، حيث أصبحت إدارة الموارد البشرية اليوم تتعامل مع أفراد متعددي الثقافات و اللغات و كذا العروق و الأجناس مما يصعب من هذا التحدي أكثر.
إذن فالمطلوب هنا من إدارة الموارد البشرية وضع إستراتيجية مناسبة تأخذ في الحسبان كل هذه الاختلافات للقيم بين الأفراد و اتجاهاتهم.
العائد و التعويض: إن ارتفاع مستويات التضخم الاقتصادي يؤدي إلى طلب العاملين لأجور أعلى في حين الإدارة غير قادرة على دفع هذه الزيادات في الأجور تتناسب مع الوضع الاقتصادي المعاش فهذا الضعف في الأجور يؤدي حتما إلى ضعف أو عدم توفر الحوافز، و هذا ما يؤثر على مستوى الأداء في كثير من المنظمات، كما يؤدي إلى عدم الانتظام في العمل و الالتزام به حيث يسعى الأفراد إلى البحث عن أعمال إضافية قصد تغطية ذلك العجز و هذا يلقي عبء آخر على إدارة الموارد البشرية من حيث عدم قدرتها على دفع العاملين و حفزهم لبذل مجهود أكبر للعمل.
زيادة حجم القوى العاملة: و هذا يعود الأمرين أساسيين الأول هو ارتفاع و تحسين المستوى الصحي للأفراد و الثاني هو ارتفاع مستوى التعليم بين الأفراد، و هذا ما من شأنه توفير أفراد متخصصين ذوي كفاءات عالية في سوق العمل و هذا يتحتم على إدارة الموارد البشرية وضع خطط جيدة قصد استقطاب الأفراد المناسبين و تعيينهم في المكان الناسب لهم، و كدا الرفع من قدرات الأفراد العاملين بإدارة الموارد البشرية حتى يمكنهم التعامل مع عمال متخصصين و متعلمين.
التشريعات و اللوائح الحكومية: إن إدارة الموارد البشرية ليست حرة بصفة مطلقة في وضع سياستها و خططها فيما يخص الأفراد العاملين و لكن هناك قيود معينة تفرضها جهات حكومية ينبغي التقيد و الالتزام بها، فهذه اللوائح و التشريعات تمثل الإطار الذي يجب على إدارة الموارد البشرية العمل فيه، و هذا يفرض تحدي على إدارة الموارد البشرية في كيفية صياغة إستراتيجية خاصة بها بدون تحدي أو تجاوز هذه الحدود المفروضة، و بما يسمح بتحقيق الأهداف المسطرة.
ـ الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية
قصد الاستجابة للتحديات السابقة، هناك جملة من الإجراءات التي ينبغي إتباعها في إدارة الموارد البشرية، حتى يمكن الاستفادة أكبر من هذا المورد و التي يمكن انجازها فيما يلي:1
- إيجاد ظروف عمل أفضل: يقع على عاتق إدارة الموارد البشرية تحسين ظروف العمل و إتاحة فرص للعاملين قصد تنمية قدراتهم و تحقيق ذاتهم من خلال التدريب، و برامج التنمية، و تشجيع العمل الجماعي و أسلوب الفريق الواحد.
- التوظيف الفاعل لقدامى الموظفين: حيث يمكن الاستفادة منهم كما يلي:
ـ حل مشاكل نقص العمالة
ـ إسهامه في تطوير المنظمات نظرا للخبرة التي اكتسبوها
ـ تكون استعدادات و اتجاهات كبار السن أكثر ايجابية في تقبل العمل في ظروف التحدي دون التركيز على المادية
ـ التزامهم بأخلاقيات العمل أكثر من الحديثين
- توفير المساواة للنساء بشكل أكبر في المنشاة
- الحاجة إلى تطوير مهارات العاملين من خلال التدريب: و هذا تحدي لإدارة الموارد البشرية للتأقلم مع ما يطرأ من تغير في السوق أو التكنولوجيا، و متطلبات الجودة و الأسعار، و عدم تجميد الأفكار و الجهود
- مواصلة التركيز على التخطيط الإستراتيجي لنشاطات إدارة الموارد البشرية
- استخدام نظام معلومات الموارد البشرية و الاتجاه نحو استخدام الحاسوب و تكنولوجيا المعلومات في هذا المجال كالتالي:
التوظيف: تمكن قاعدة البيانات المسؤولين من الحصول على معلومات فوريا نحو العمال الحاليين و الجدد و بالتالي تحديد الأماكن الشاغرة.
و عليه يمكن القول في الأخير أن تكنولوجيا المعلومات غيرت في عملية تنمية الموارد البشرية في النواحي التالية:
- أوجدت نمطا جديدا لمتطلبات العملية التكوينية ألا و هي نمط قائم على المعرفة، فالكفاءات البشرية اليوم لم تعد تلك التي تتحكم في الأمور التقنية للعمل فقط بل بالعكس يعمل النموذج التكويني على تطوير المهارات الفكرية و الذهنية أكثر لدى الأفراد، و خاصة و أن أغلب المهام الروتينية داخل التنظيم قد تم إسنادها ـ بصفة تكاد تكون كلية ـ للآلة.
- أوجدت تكنولوجيا المعلومات أساليب جديدة للقيام بالعملية التكوينية، فأصبحنا نسمع بالواقع الافتراضي، تكوين عن بعد، تعلم عن بعد، ... إلخ كل هذه الأنماط الجديدة في التكوين أثبتت جدارتهاـ خاصة في الدول المتقدمةـ عند تطبيقها خاصة و أنها أساليب تفاعلية.
- أوجدت تكنولوجيا المعلومات نمطا جديدا للمنظمات أو الهيئات الشرفة على العملية التكوينية فأصبحنا نسمع بمؤسسات بلا حدود، فمقرها و حدودها هي الشبكة تمنح شهادات عالية الجودة و معترف بها عالميا.
********************
[1] علي السلمي، ادراة الموارد البشرية الإستراتيجية، دار غريب للطباعة و النشر القاهرة، ص 42
[2]LOUIS-CADIN-française, Gestion des ressources humaines, 2éme Edition
[3]LOUIS-CADIN-française، مرجع سابق.
[4]د/ حبيب الصحاف، "معجم إدارة الموارد البشرية ة شؤون العاملين"، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، 1997، ط 1، ص 1.
[5] علي السلمي، مرجع سابق، ص45.
[6]د/ عبد الغفار حنفي، د/محمد فريد الصحن، "إدارة الأعمال"، الدار الجامعية الإسكندرية، بيروت، 1991، ص 612.
[7]د/محمد عبد الفتاح الصيرفي،"إدارة الموارد البشرية،المفاهيم و المبادئ"، دار المنهاج، عمان الأردن، 2006، ص 26.
[8]د/ عبد الغفار حنفي، د/محمد فريد الصحن، نفس المرجع السابق، ص 18، 19.
1د/مهدي حسن الزويلف، " إدارة الأفرادـ مدخل كمي"، دار مجدلاوي، عمان، ط 3، 1998 ، ص 13،14
1 - حنا نصر الله، نفس الرجع السابق ، ص 03.
رابط المصدر:http://www.hrdiscussion.com/hr31122.html
0تعليقات